السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن حفظ القرآن الكريم والعمل به، لابد أن يكون على رأس الأهداف الإيمانية لكل مسلم يسعى للسير في الطريق إلى الله عز وجل ..فحفظ القرآن تربية للنفس على علو الهمة، والصبر، والجد والإجتهاد ..
يقول ابن الجوزي في (صيد الخاطر) "أو ليس في الحديث يقال للرجل: اقرأ وارق فمنزلك عند آخر آية تقرؤها. فلو أن الفكر عمل في هذا حق العمل حفظ القرآن عاجلاً." .. لذلك يجب أن تتمسك بأول الطريقوهو حفظ القرآن الكريم والعمل بما فيه، واجعل القرآن أول لبنة تُقيم عليها إلتزامك وبالقرآن تصِّل لأعلى درجات الجنان إن شاء الله..
وفي البداية لابد من احتســــاب النوايـــــا .. فيجب أن تكون نيتك خالصة لوجه الله الكريم، ومن النوايا التي عليك إحتسابها:
النية الأولى: استشعار المسؤولية ..استشعر المسؤولية التي عليك بأن مَنّ الله عليك بنعمة الإسلام والإيمان، واشكر نعمة إلتزامك بحفظك لكتاب الله عز وجل كي تكون حاملاً لراية هذا الدين.
النية الثانية: مرافقة النبي محمد
سلم في الجنة ..قال "يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها"[صحيح الجامع (8122)] ..
ألا تريد مُرافقة النبي محمد في الفردوس الأعلى؟؟
النية الثالثة: سببًا للعتق من النار .. قال رسول الله "لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقه الله بالنار" [حسنه الألباني، صحيح الجامع (5266)] ..فإن وعى قلبك القرآن وعملت بما فيه، كان هذا سببًا في تحريم جسدك على النار.
النية الرابعة: الوقاية من العذاب يوم القيامة ..عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله يقول"اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة"[رواه مسلم]
النية الخامسة: أن تكون صفوة خلق الله في الأرض .. قال رسول الله "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"[رواه البخاري].. فضلاً عن الإصطفاء العظيم لحملة القرآن يوم القيامة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال "يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول القرآن يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ثم يقول يا رب ارض عنه فيرضى عنه فيقال له اقرأ وارق ويزداد بكل آية حسنة"[رواه الترمذي وحسنه الألباني]
النية السادسة: نيل درجة الولاية عند الله تعالى ..قال رسول الله "إن لله أهلين من الناس"، قالوا يا رسول الله من هم؟، قال "هم أهل القرآن أهل الله وخاصته"[رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. وأولياء الله تعالى هم الذين قد اصطفاهم بالبشرى في الدنيا والآخرة، قال تعالى {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }[يونس: 62,64]
النية السابعة: زيادة الرصيد الإيماني .. قال رسول الله "من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آ لم حرف . ألف حرف ولام حرف وميم حرف"[رواه الترمذي وصححه الألباني].. فمن سيحفظ القرآن، سيصير هو كل حياته وشغله الشاغل .. لذا يعلو رصيده الإيماني ويُنير صحائفه بالنور التام يوم القيامة إن شاء الله تعالى.
النية الثامنة: إصلاح القلب ..قال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82].. فالقرآن هو الدواء الشافي لجميع أمراض القلوب ولكل المشاكل التي تُعاني منها، وسببًا في استنزال الرحمة التي هي بمثابة الوقود الذي يدفعك لفعل الطاعات .. فإن أردت أن تُصلِّح قلبك وأحوالك مع الله تعالي، عليك بحفظ القرآن الكريم.
النية التاسعة: أعظم مُعين على الطاعة .. ولاسيما قيام الليل، فحفظك للقرآن سيُعينك على الوقوف بين يدي الله عز وجل والإستمتاع بحلاوة القُرب.
النية العاشرة: برّ الوالدين .. قال "يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه هل تعرفني أنا الذي كنت أسهر ليلك وأظميء هواجرك وإن كل تاجر من وراء تجارته وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر فيعطي الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسي والداه حلتين لا تقوم لهم الدنيا وما فيها فيقولان يارب أنى لنا هذا فيقال بتعليم ولدكما القرآن . وإن صاحب القرآن يقال له يوم القيامة اقرأ وارق في الدرجات ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية معك"[صححه الألباني، السلسلة الصحيحة (2829)].. فإن كنت تشكو من عدم قدرتك على البر بوالديك وتريد إن تفعل شيئًا لأجلهم، فعليك بحفظ القرآن كي ينالوا هذا التكريم العظيم يوم القيامة بفضل حفظك للقرآن وعملك بما فيه.
النية الحادية عشر: نيل الرفعة عند الله جلّ وعلا .. قال تعالى {.. يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[المجادلة: 11].. وحفظ القرآن هو أولى درجات العلم .. يقول ابن الجوزي في (صيد الخاطر) "وأفضل ما تُشوغِّل به حفظ القرآن، ثم الفقه، وما بعد هذا بمنزلة تابع. ومن رزق يقظة، دلته يقظته، فلم يحتج إلى دليل" .. وقال أيضًا "وأول ما ينبغي أن يكلَّف حفظ القرآن متقنًا؛ فإنه يثبت، ويختلط باللحم والدم"
ها قد عرفنا النوايا لحفظ كتاب الله جلَّ وعلا، وإن كنت صادق فستأخذ القرار بألا يمر عليك هذا العام إلا وقد انتهيت من حفظ القرآن بحوّل الله وقوته
اللهم إجعلنا من حملة وحفظة القرأن الكريم والعاملين به آناء الليل و أطراف النهار
على الوجه الذى يرضيك عنا حتى ترضى يارب العالمين
و أعنا على حفظه وإجعله حُجة لنا يوم القيامة وشفيعا لنا في يوم لا ريب فيه
منقول
...