الذِكر هو من أنواع
العبادات الإسلامية والتي تعتمد على ذِكر
الله فيما أتى في
سورة الأحزاب: 12:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾ وقوله:
﴿إِنَّ
فِي خَلْقِ السَّمَأوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ - الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً
وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ آل عمران: 190-191. والمبداء الأساسي هو اما بذكر إحدى صفات الله أو في إنشاء الثناء لذكر الله. ويُعد الذِكر من أيسر العبادات.
أنواع الذكر ذكر السر والجهرإن ذكر الله تعالى مشروع سراً وجهراً، وقد رغَّب رسول الله صلى الله
عليه وسلم في الذكر بنوعيه: السري والجهري، إلاَّ أن علماء الشريعة
الإسلامية قرروا أفضلية الجهر بالذكر إذا خلا من الرياء، أو إيذاء مُصَلٌّ
أو قارىء أو نائم، مستدلين ببعض الأحاديث النبوية، منها:
- قال رسول الله سلم: يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي
وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ
ذكرتُه في ملأ خير منهم[1]. والذكر في الملأ لا يكون إلا عن جهر.
- عن ابن عباس قال: إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة
كان على عهد النبي سلم. قال ابن عباس: كنت أعلم إذا
انصرفوا بذلك إذا سمعته[2].
وقال الشيخ
الآلوسيفي تفسيره عند قوله تعالى: (وإنْ تجْهَرْ بالقول فإنَّه يعلم السِّرَ
وأخفى) [طه: 7]. وقيل: نُهِيَ عن الجهر بالذكر والدعاء، لقوله تعالى:
{واذكرْ ربَّك في نفسِكَ تضرعاً وخفيةً ودون الجهر من القولِ} [الأعراف:
205]. وأنت تعلم أن القول: بأن الجهر بالذكر والدعاء منهي، لا ينبغي أن
يكون على إطلاقه. والذي نصَّ عليه الإمام النووي في فتاويه: أن الجهر
بالذكر حيث لا محذور شرعاً؛ مشروع مندوب إليه، بل هو أفضل من الإخفاء في
مذهب الإمام الشافعي، وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد، وإحدى الروايتين عن
الإمام مالك بنقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري
[3].
ذكر اللسان وذكر القلبوقد نص أهل العلم على أن من أفضل أنواع الذكر ذكر اللسان مع حضور القلب، فإن تجرد اللسان بالذكر فقط كان أدنى مراتبه. قال النفراوي
[4]"ذكر الله ضربان: ذكر بالقلب فقط، وذكر باللسان أي مع القلب، وذكر القلب
نوعان، وهو أرفع الأذكار، وأجلها التفكر في عظمة الله وجلاله وآياته
ومصنوعاته العلوية والسفلية. والثاني: ذكره تعالى بمعنى استحضاره بالقلب
عند أمره ونهيه، والأول من هذين أفضل من الثاني، والثاني أفضل من الذكر
باللسان، أي مع القلب، وأما الذكر بمجرد اللسان فهو أضعف الأذكار، وإن كان
فيه ثواب، كما جاءت به الأخبار".
وقال الإمام
النووي :
أجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحْدِث والجنب والحائض
والنفساء وذلك في التسبيح والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى
الله عليه وسلم والدعاء ونحو ذلك
[5].
وقال أيضا: الذكر يكون بالقلب ويكون باللسان، والأفضل منه ما كان
بالقلب واللسان جميعاً، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل. ثم لا ينبغي أن
يُترك الذكر باللسان مع القلب خوفاً من أن يُظن به الرياء، بل يذكر بهما
جميعاً، ويقصد به وجه الله تعالى.
فوائد الذكروهناك اعتقاد راسخ بأن للذكر فوائد عديدة تصل لأكثر من مئة ومنها:
- أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره.
- أنه يرضي الرحمن عز وجل.
- أنه يزيل الهم والغم عن القلب.
- أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط. الحامسة: أنه يقوي القلب والبدن.
- أنه ينور الوجه والقلب.
- أنه يجلب الرزق.
- أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة.
- أنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام.
- أنه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الإحسان.
- أنه يورثه الإنابة، وهي الرجوع إلى الله عز وجل
- أنه يورثه القرب منه.
- أنه يفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة.
- أنه يورثه الهيبة لربه عز وجل وإجلاله.
- أنه يورثه ذكر الله تعالى له، كما قال تعالى: " فاذكروني أذكركم " [البقرة:115].
- أنه يورث حياة القلب.
- أنه قوت القلب والروح.
- أنه يورث جلاء القلب من صدئه.
- أنه يحط الخطايا ويذهبها، فإنه من أعظم الحسنات، والحسنات يذهبن السيئات.
- أنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعا لى.
- أن ما يذكر به العبد ربه عز وجل من جلاله وتسبيحه وتحميده، يذكر بصاحبه عند الشدة.
- أن العبد إذا تعرف إلى الله تعالى بذكره في الرخاء عرفه في الشدة.
- أنه منجاة من عذاب الله تعالى.
- أنه سبب نزول السكينة، وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة بالذاكر.
- أنه سبب إشتغال اللسان عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والفحش، والبا طل.
- أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين.
- أنه يؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة.
- أن الاشتغال به سبب لعطاء الله للذاكر أفضل ما يعطي السائلين.
- أنه أيسر العبادات، وهو من أجلها وأفضلها.
- أن العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب علئ غيره من الأعمال.
- أن دوام ذكر الرب تبارك وتعالى يوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعا ده.
- أنه ليس في الأعمال شيء يعم الأوقات والأحوال مثله.
- أن الذكر نور للذاكر في الدنيا، ونور له في قبره، ونور له في معاده، يسعى بين يديه على الصراط.
- أن الذكر رأس الأمور، فمن فتح له فيه فقد فتح له باب الدخول على الله عز وجل.
- أن في القلب خلة وفاقة لا يسدها شيء ألبتة إلا ذكر الله عز وجل.
- أن الذكر يجمع المتفرق، ويفرق المجتمع، ويقرب البعيد، ويبعد القريب.
فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته، وهمومه وعزومه، ويفرق ما اجتمع
عليه من الهموم، والغموم، والأحزان، والحسرات على فوت حظوظه ومطالبه،
ويفرق أيضأ ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره، ويفرق أيضا ما اجتمع
على حربه من جند الشيطان، وأما تقريبه البعيد فإنه يقرب إليه الآخرة،
ويبعد القريب إليه وهي الدنيا.
- أن الذكر ينبه القلب من نومه، ويوقظه من سنته.
- أن الذكر شجرة تثمر المعارف والأحوال التي شمر إليها السالكون.
- أن الذاكر قريب من مذكوره، ومذكوره معه، وهذه المعية معية خاصة غير
معية العلم والإحاطة العامة، فهي معية بالقرب والولاية والمحبة والنصرة وا
لتو فيق.
- أن الذكر يعدل عتق الرقاب، ونفقة الأموال، والضرب بالسيف في سبيل الله عز وجل.
- أن الذكر رأس الشكر، فما شكر الله تعالى من لم يذكره.
- أن أكرم الخلق على الله تعالى من المتقين من لا يزال لسانه رطبا بذكره.
- أن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى.
- أن الذكر شفاء القلب ودواؤه، والغفلة مرضه.
- أن الذكر أصل موالاة الله عز وجل ورأسها والغفلة أصل معاداته ورأسها.
- أنه جلاب للنعم، دافع للنقم بإذن الله.
- أنه يوجب صلاة الله عز وجل وملائكته على الذاكر.
- أن من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا، فليستوطن مجالس الذكر، فإنها رياض الجنة.
- أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ليس لهم مجالس إلا هي.
- أن الله عز وجل يباهي بالذاكرين ملائكته.
- أن إدامة الذكر تنوب عن التطوعات، وتقوم مقامها، سواء كانت بدنية أو مالية، أو بدنية مالية.
- أن ذكر الله عز وجل من أكبر العون على طاعته، فإنه يحببها إلى العبد، ويسهلها عليه، ويلذذها له، ويجعلها قرة عينه فيها.
- أن ذكر الله عز وجل يذهب عن القلب مخاوفه كلها ويؤمنه.
- أن الذكر يعطي الذاكر قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يطيق فعله بدونه.
- أن الذاكرين الله كثيرا هم السابقون من بين عمال الآخرة.
- أن الذكر سبب لتصديق الرب عز وجل عبده، ومن صدقه الله تعالى رجي له أن يحشر مع الصادقين.
- أن دور الجنة تبني بالذكر، فإذا أمسك الذاكر عن الذكر، أمسكت الملائكة عن البناء.
- أن الذكر سد بين العبد وبين جهنم.
- أن ذكر الله عز وجل يسهل الصعب، وييسر العسير، ويخفف المشاق.
- أن الملائكة تستغفر للذاكر كما تستغفر للتائب.
- أن الجبال والقفار تتباهي وتستبشر بمن يذكر الله عز وجل عليها.
- أن كثرة ذكر الله عز وجل أمان من النفاق.
- أن للذكر لذة عظيمه من بين الأعمال الصالحة لا تشبهها لذة.
- أن في دوام الذكر في الطريق، والبيت، والبقاع، تكثيرًا لشهود العبد يوم القيامة، فإن الأرض تشهد للذاكر يوم القيامة
فضل الذكرقال الله تعالى:{ فَإذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ
تَكْفُرُونِ } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذْكُرُوا اللَّهَ
ذِكْراً كَثِيراً} { وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} { وَإذْكُر
رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ
الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ }
وقال
سلم :" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي
والميت " وقال
سلم :" ألا أنبئكم بخير أعمالكم ،وأزكاها
عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير
لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟" قالوا
بلى.قال : "ذكر الله تعالى " وقال
سلم :" يقول الله
تعالى : أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه
ذكرتهُ في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ،وإن تقرب إلى
شبراً تقربت إليه ذراعاً ،وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن
أتاني يمشي أتيتهُ هرولة " .وعن عبد الله بن بسرٍ رضي الله عنهُ أن رجلاً
قال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيءٍ أتشبث به.
قال :" لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله " وقال
سلم:" من
قرأ حرفاً من كتاب الله به حسنة ،والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول : {الم }
حرف؛ ولكن : ألف حرف ،ولام حرف ،وميم حرف ". وعن عقبة بن عامر قال : خرج
رسول الله
سلم ونحن في الصفة فقال :" أيكم يحب أن يغدو كل
يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا
قطيعة رحم ؟" فقلنا : يا رسول الله نحب ذلك. قال :" أفلا يغدو أحدكم إلى
المسجد فيعلم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث
خير لهُ من ثلاث ٍ، وأربع خير لهُ من أربع، ومن أعدادهن من الإبل" وقال
سلم:" من قعد مقعداً لك يذكر الله فيه كانت عليه من الله
ترة ومن اضطجع مضجعاً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة" . وقال صلى
الله عليه وسلم : " ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على
نبيهم إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم " . وقال صلى
الله عليه وسلم :" ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا
عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة ".
.
مراجع
- ^ أخرجه البخاري في صحيحه والترمذي والنسائي وابن ماجه.
- ^ أخرجه البخاري في صحيحه، والمعنى كنت أعلم انصرافهم بسماع الذكر، كما قال صاحب “الفتح” الحافظ ابن حجر العسقلاني في ج2/ص259.
- ^ روح المعاني للشيخ الألوسي ج16/ص147 - 148.
- ^ [النفراوي، "الروض العاطر في نزهة الخاطر"، سنة النشر: 1993، الناشر: رياض الريس للكتب والنشر]
- ^ الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية ج1/ص106 - 109.
- ^ أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات.
- ^ أخرجه مسلم في كتاب الذكر، والترمذي في كتاب الدعوات.
- ^ حاشية ابن عابدين ج5/ص263.
- ^ حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص208.
- ^ أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب أبواب صلاة الجماعة، وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة.