بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِي اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ . وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ انْتَجَبَهُ لِوَلَايَتِهِ وَاخْتَصَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَأَكْرَمَهُ بِالنُّبُوَّةِ أَمِيناً عَلَى غَيْبِهِ وَرَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ . وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلَامُ [1].
قال تعالى : {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الحجرات:14
بعد أن تقدم عندنا الحديث في السابق عن معنى الدين، ومدى الاستغلال الذي حصل من قبل بعض الأفراد والفئات لاسم الدين وصاروا يتاجرون به مادياً ومعنوياً، نأتي هنا لنسأل وإياكم عن معنى الإسلام على ضوء القرآن الكريم والسنة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام فنسأل؛ ما هو الإسلام ؟ وما هو الإيمان ؟ وما الفرق بينهما ؟
ثم نتطرق إلى الأمثلة المحسوسة التي ضربها أهل البيت عليهم السلام في توضيح هذين المعنيين العظيمين .
معنى الإسلام في القرآن الكريم :
قد وردت آيات عديدة حول معنى الإسلام في القرآن الكريم والحاصل منها أن الإسلام له مراتب عديدة :
المرتبة الأولى من الإسلام:
قد يطلق لفظ الإسلام ويراد به المرتبة الأولى من العبودية وهو مجرد التشهد بالشهادتين كما أنه هو العنوان العام والهوية للمسلم والقشر الذي يراد به حفظ اللب ، وقبول ظواهر الأوامر والنواهي بتلقي الشهادتين لساناً سواء وافق القلب أو خالفه كما في قوله تعالى : { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } . فالإسلام هنا يراد به الإطار الكلي والعنوان العام للمسلم، والمرتبة الأولى من الإيمان أعلى درجة من المرتبة الأولى من الإسلام كما أن المرتبة الثانية من الإسلام أعلى درجة من المرتبة الأولى من الإيمان وهكذا المرتبة المتأخرة أعلى من المتقدمة .
المرتبة الأولى من الإيمان :
المرتبة الأولى من الإيمان أعلى من المرتبة الأولى من الإسلام وهي تأتي بعد المرتبة الأولى من الإسلام وحاصلها الإذعان القلبي بالشهادتين والعمل في سائر الأحكام .
المرتبة الثانية من الإسلام :
وهي المرتبة التي تأتي بعد المرتبة الأولى من الإيمان : وهي التسليم والانقياد القلبي لأكثر الاعتقادات الحقة التفصيلية وما يتبعها من أعمال، وليس معنى هذا أنه لا يقع منه التجاوز لبعض الحالات فقد يقع منه ذلك، قال تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ}[2] وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[3] فهذه المرتبة للإسلام جاءت بعد المرتبة الأولى من الإيمان وهذا المعنى للإسلام غير الإسلام الأول أكيداً . ويأتي بعد هذه المرتبة للإسلام المرتبة الثانية من الإيمان .
المرتبة الثانية من الإيمان :
وهي الاعتقاد التفصيلي بالحقائق الدينية قال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[4] وقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[5] فالإيمان الثاني غير الإيمان الأول .
المرتبة الثالثة من الإسلام :
وهي تأتي بعد المرتبة الثانية للإيمان وذلك فإن الإيمان المتقدم إذا أنست به النفس مالت إليه قواه وغرائزه وتخلقت بأخلاقه بل وتغلبت على القوى المائلة لزخارف الدنيا الفانية وصار الإنسان يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فالله سبحانه يراه ولا يجد في سره وباطنه ما يمنعه من امتثال أمر الله ونهيه أو يسخط من أمر الله سبحانه وقد قال الله : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} النساء:65.
المرتبة الثالثة من الإيمان :
حصول مواصفات للعبد في حال مسيرته من الفلاح والخشوع والإعراض عن اللغو قال تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ }[6] وتأتي هذه المرتبة بعد المرتبة الثانية من الإسلام .
المرتبة الرابعة من الإسلام :
وهي المرتبة التي تأتي بعد المرتبة الثالثة من الإيمان فإن حال الإنسان في المرتبة السابقة مع ربه حال العبد المملوك مع مالكه ومولاه إذا كان قائما بوظائف العبودية وقد سلم الأمر إلى الله تسليماً مطلقاً لما يريده الله ، ولكن الأمر في ملك رب العالمين أعظم وأعظم بكثير من ذلك وأن ملكه سبحانه الذي لا يتمكن أي شيء أن يستقل عنه وفي حال من الأحوال وهذه المرتبة من الإسلام هي أعلى درجات الإسلام والتي يطلق عليها الإسلام الحقيقي أي يراد به حقيقة الإسلام وواقعه والانقياد إلى الله سبحانه والتسليم له وطلب النسك وقد دلت على هذا المعنى جملة من الآيات الكريمة منها قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام : { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)}[7] وإبراهيم كان مسلماً ولكن الإسلام المأمور به هنا هو الإسلام الحقيقي وهو انقياد واستسلام لله في جميع ما قضى وقدر . وقال تعالى حول هذه المرتبة من الإسلام { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ }[8] فالإسلام الذي يكون عنوانا لحقيقة الدين هو واقع الإسلام المصاحب للاعتراف والانقياد والتسليم لله سبحانه وهو غير المتعارف عندنا من عنوان الإسلام . ومنها قوله تعالى حكاية عن إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام : { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[9] فدعاء إبراهيم له ولابنه ولذريته لا يريد الإسلام بالمعنى الأول لأنه كان متحققا له ولابنه إسماعيل وإنما يريده بمعنى حقيقة الإسلام ، وكذلك قوله {أَرِنَا مَنَاسِكَنَا} فإن المناسك جمع منسك بمعنى العبادة وليس المراد {أَرِنَا مَنَاسِكَنَا} بمعنى علمنا أو وفقنا بل المراد به التسديد بإرائة حقيقة الفعل الصادر منهما . ( فقد تبين أن المراد بالإسلام والبصيرة في العبادة ، غير المعنى الشائع المتعارف ، وكذلك المراد بقوله { وَتُبْ عَلَيْنَا } لأن إبراهيم وإسماعيل كنا نبيين معصومين بعصمة الله تعالى ، لا يصدر عنهما ذنب حتى يصح توبتهما منه ، كتوبتنا من المعاصي الصادرة عنا )[10].
ومنها قوله تعالى { أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }[11] أي اجعلني ممن استسلم لرضاك واتبع حقيقة الإسلام ولبه لا مجرد حصول عنوان الإسلام [12]
المرتبة الرابعة من الإيمان :
وهي أعلى مما تقدم وهي تأتي بعد المرتبة الرابعة للإسلام فتستوعب جميع ما تقدم في كل الأحوال والأفعال، قال تعالى : { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}[13] فهؤلاء المؤمنون على يقين تام أنه لا استقلالية لشيء من دون الله ولا تأثير لسبب بدون إذن الله وأن الله وحده هو المتصرف في الكون كله وليس لأحد ولا يمكن لأحد نبياً كان أو ولياً أن يتصرف في الكون ولا بمقدار ذرة بدون إذن من الله سبحانه .
فالمسلمون يدخلون تحت هذه المرات المتعددة كل بحسب طاقته وعمله وإيمانه وإن كان أكثرهم تحت المرتبة الأولى للإسلام والإيمان .
معنى الإسلام في روايات أهل البيت :
الروايات الصادرة عن النبي الأعظم
آله وأهل بيته عليهم السلام في بيان معنى الإسلام والإيمان كالآيات القرآنية في شرحها وتبيانها لمراتبهما .
ففي المرتبة الثانية للإسلام والإيمان جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) فَقَالَ لَهُ سَلَّامٌ: إِنَّ خَيْثَمَةَ ابْنَ أَبِي خَيْثَمَةَ يُحَدِّثُنَا عَنْكَ أَنَّهُ سَأَلَكَ عَنِ الْإِسْلَامِ فَقُلْتَ لَهُ إِنَّ الْإِسْلَامَ مَنِ اسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَشَهِدَ شَهَادَتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا وَوَالَى وَلِيَّنَا وَعَادَى عَدُوَّنَا فَهُوَ مُسْلِمٌ. فَقَالَ: صَدَقَ خَيْثَمَةُ قُلْتُ. وَسَأَلَكَ عَنِ الْإِيمَانِ فَقُلْتَ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالتَّصْدِيقُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنْ لَا يُعْصَى اللَّهُ فَقَالَ: صَدَقَ خَيْثَمَةُ[14].
وحول المراتب الثلاث الأول :
جاء في الصحيح عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ الرِّضَا (ع) قَالَ: الْإِيمَانُ فَوْقَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ وَالتَّقْوَى فَوْقَ الْإِيمَانِ بِدَرَجَةٍ وَالْيَقِينُ فَوْقَ التَّقْوَى بِدَرَجَةٍ وَلَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الْعِبَادِ شَيْءٌ أَقَلُّ مِنَ الْيَقِينِ.[15] فهذه ليس من المستبعد أن ترجع إلى درجات الإيمان وإن كانت باسم التقوى واليقين .
ولكنها مع هذا ركزت على بيان المرتبة الأولى للإسلام والإيمان والفارق بينهما وأن من يتشهد الشهادتين يدخل تحت المرتبة الأولى للإسلام وتترتب عليه آثاره وله ما للمسلمين وعليه ما عليهم فيحقن دمه وماله وعِرضه وتصح مناكحته وتوارثه .
وهنا نقتصر على عدد قليل منها فقد جاء في الصحيح عن سماعة عن الإمام الصادق عليه السلام : ( الْإِسْلَامُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالتَّصْدِيقُ بِرَسُولِ اللَّهِ (ص) بِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ وَعَلَيْهِ جَرَتِ الْمَنَاكِحُ وَالْمَوَارِيثُ وَعَلَى ظَاهِرِهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ ) .
وفي الخبر: عَنْ سُفْيَانَ بْنِ السِّمْطِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الْإِسْلَامِ ..... فَقَالَ : الْإِسْلَامُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَحِجُّ الْبَيْتِ وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَهَذَا الْإِسْلَامُ ......[16]
وفي الحديث الصحيح عَنِ الْقَاسِمِ الصَّيْرَفِيِّ شَرِيكِ الْمُفَضَّلِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ: الْإِسْلَامُ يُحْقَنُ بِهِ الدَّمُ وَتُؤَدَّى بِهِ الْأَمَانَةُ وَتُسْتَحَلُّ بِهِ الْفُرُوجُ وَالثَّوَابُ عَلَى الْإِيمَانِ.[17]
فمن معالم هذه المرتبة للمسلم :
1- أن يتلفظ بالشهادتين ويعلنها .
2- أن يمارس العبادات التي تعرفه للآخرين أنه مسلم مثل :
أ- إقام الصلاة .
ب- إيتاء الزكاة .
ج- حج بيت الله الحرام .
د- صيام شهر رمضان .
إذا تحققت هذه المرتبة للمسلم فتترتب آثارها وهي :
1- يدخل في عموم المسلمين وتكون هويته الإسلام فلا يحق لأحد من المسلمين أو غيرهم أن يكفره ويخرجه عن هذه الدائرة حتى وإن كان عاصياً وفاسقاً لعدم ممارسته لبعض الواجبات أو كان فاعلا لبعض المحرمات .
2- أن يكون دمه محقوناً ومصوناً من هذه الناحية فلا يحق لأحد أن يسفك دمه بأي حجة من الحجج والتعلل بعدم صحة إسلامه أو عدم إيمانه .
3- أن يكون عِرضه مصونا فلا يحق لأحد يبيح عرضه لعدم صحة إسلامه أو عدم إيمانه .
4- التوارث بينه وبين المسلمين فهم يرثونه وهو يرثهم .
5- التزاوج بينه وبين المسلمين فيحصل التكافؤ بينهم فهو يتزوج منهم وهم يتزوجون من عنده ويزوجوه .
وهنا نعرف أن هذه الروايات تعرف الإسلام بالمعنى الأول المتقدم فهو هوية المسلم الذي ينتمي إلى هذا الدين.
التعريف بالإيمان :
وكما ركزت الروايات على التعريف الأول للإسلام كذلك ركزت على تعريف المرتبة الأولى من الإيمان والسر في ذلك واضح أن السواد الأعظم من المسلمين تحت المرتبة الأولى له وأن السواد الأعظم من المؤمنين يدخل تحت المرتبة الأولى للإيمان فقد جاء تعريف الإيمان في جملة من الروايات الصحيحة المعتبرة من أنه هو الإسلام المتقدم مع زيادة العمل فمن ذلك ما جاء في الحديث الصحيح عن سماعة عن الإمام الصادق عليه السلام قال : (وَالْإِيمَانُ : الْهُدَى وَمَا يَثْبُتُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ صِفَةِ الْإِسْلَامِ وَمَا ظَهَرَ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ) فقد ضم معنى الإسلام في مرتبته الأولى مع العمل والتصديق بتلك المعتقدات كما جاء في الحديث الصحيح عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عليهما السلام [18] قَالَ: ( الْإِيمَانُ إِقْرَارٌ وَعَمَلٌ وَالْإِسْلَامُ إِقْرَارٌ بِلَا عَمَلٍ )[19]
وفي الصحيح عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ أَلَيْسَ هَذَا عَمَلٌ ؟. قَالَ : بَلَى . قُلْتُ :فَالْعَمَلُ مِنَ الْإِيمَانِ ؟. قَالَ: لَا يَثْبُتُ لَهُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَالْعَمَلُ مِنْهُ[20]
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ] وَالْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا اسْتَقَرَّ فِي الْقُلُوبِ مِنَ التَّصْدِيقِ بِذَلِكَ قَالَ قُلْتُ الشَّهَادَةُ أَلَيْسَتْ عَمَلًا قَالَ بَلَى قُلْتُ الْعَمَلُ مِنَ الْإِيمَانِ قَالَ نَعَمْ الْإِيمَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِعَمَلٍ وَالْعَمَلُ مِنْهُ وَلَا يَثْبُتُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِعَمَلٍ[21]
فهذه الروايات تؤكد إن المرتبة الأولى من الإيمان هي الاعتقاد بما تلفظ به من الشهادتين وضم العمل إليه . وهنا تدخل شريحة كبيرة من المسلمين تحت هذا العنوان وإن كانت أقل عددا من عدد المسلمين الذي انطبق عليهم عنوان المسلمين في المرتبة الأولى . أما بقية المسلمين والمؤمنين فيتفاوتون في تسنم الرتب الأخرى بحسب قدراتهم وجدهم واجتهادهم وتوفيقاتهم .
فضل الإيمان على الإسلام :
بما تقدم حول المرتبة الأولى للإسلام والإيمان تبين لنا أن الإيمان أعلى من الإسلام وأفضل منه في المرتبة وإن كان الإسلام في المرتبة الثانية أفضل من الإيمان في مرتبته الأولى ، والآن الحديث إنما هو في المرتبة الأولى لهما وحينئذ من الواضح ما دام الإيمان في مرتبته الأولى هو الإسلام في تلك المرتبة مع زيادة التصديق والإذعان بتلك المفاهيم ومع العمل بها أيضاً يصبح الإيمان هو الإسلام مع زيادة فيكون أفضل منه وأَنَّ الْإِيمَانَ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَالْإِسْلَامَ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ كما جاء في الحديث الصحيح عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ أَهُمَا مُخْتَلِفَانِ ؟.
فَقَالَ إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ وَالْإِسْلَامَ لَا يُشَارِكُ الْإِيمَانَ .
فَقُلْتُ فَصِفْهُمَا لِي .
فَقَالَ الْإِسْلَامُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالتَّصْدِيقُ بِرَسُولِ اللَّهِ (ص) بِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ وَعَلَيْهِ جَرَتِ الْمَنَاكِحُ وَالْمَوَارِيثُ وَعَلَى ظَاهِرِهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ .
وَالْإِيمَانُ : الْهُدَى وَمَا يَثْبُتُ فِي الْقُلُوبِ مِنْ صِفَةِ الْإِسْلَامِ وَمَا ظَهَرَ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ .
وَالْإِيمَانُ أَرْفَعُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ فِي الظَّاهِرِ وَالْإِسْلَامَ لَا يُشَارِكُ الْإِيمَانَ فِي الْبَاطِنِ وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي الْقَوْلِ وَالصِّفَة[22]
وفي الصحيح عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ : إِنَّ الْإِيمَانَ يُشَارِكُ الْإِسْلَامَ وَلَا يُشَارِكُهُ الْإِسْلَامُ إِنَّ الْإِيمَانَ مَا وَقَرَ فِي الْقُلُوبِ وَالْإِسْلَامَ مَا عَلَيْهِ الْمَنَاكِحُ وَالْمَوَارِيثُ وَحَقْنُ الدِّمَاءِ وَالْإِيمَانَ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَالْإِسْلَامَ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ[23]
وبالرغم من أن الإمام عليه السلام يتحدث عن الإسلام والإيمان في مرتبتهما الأولى وفي شرح الفرق بينهما ومع ذلك احتاج التوضيح المعنوي إلى مثال حسي تتضح الفكرة أكثر فطلب الراوي من الإمام عليه السلام أن يضرب له بعض الأمثلة لمعرفة المعنى له أو للسامع أكثر فأكثر .
موقع الكعبة من الحرم كموقع الإيمان من الإسلام :
وهنا انبرى الإمام عليه السلام لضرب الأمثلة التي له علاقة شديدة بها فبين أن الإسلام بمنزلة المسجد الحرام والإيمان بمنزلة الكعبة المعظمة.
جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْإِيمَانُ أَوِ الْإِسْلَامُ فَإِنَّ مَنْ قِبَلَنَا يَقُولُونَ إِنَّ الْإِسْلَامَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيمَانِ فَقَالَ: الْإِيمَانُ أَرْفَعُ مِنَ الْإِسْلَامِ .
قُلْتُ فَأَوْجِدْنِي ذَلِكَ قَالَ: مَا تَقُولُ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُتَعَمِّداً قَالَ قُلْتُ يُضْرَبُ ضَرْباً شَدِيداً قَالَ أَصَبْتَ قَالَ فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الْكَعْبَةِ مُتَعَمِّداً قُلْتُ يُقْتَلُ قَالَ أَصَبْتَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَعْبَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَنَّ الْكَعْبَةَ تَشْرَكُ الْمَسْجِدَ وَالْمَسْجِدُ لَا يَشْرَكُ الْكَعْبَةَ وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَالْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ[24]
والذي يبدو من هذا المثال أن شرف الكعبة على المسجد الحرام وأن عقوبة المهين للكعبة المشرفة والتعمد في ذلك أشد ممن يتعمد إهانة المسجد الحرام حيث أن الراوي ذكر الحكم المسلم عنده والذي يعرفه لفقهه وقربه من الإمام عليه السلام والإمام أقره على ذلك.
وفي الحديث الآتي يوضح الإمام عليه السلام معنى الإيمان والإسلام بصورة أكثر تفصيلا ففي الحديث الصحيح عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ الْإِيمَانُ مَا اسْتَقَرَّ فِي الْقَلْبِ وَأَفْضَى بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ .
وَالْإِسْلَامُ مَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنَ الْفِرَقِ كُلِّهَا وَبِهِ حُقِنَتِ الدِّمَاءُ وَعَلَيْهِ جَرَتِ الْمَوَارِيثُ وَجَازَ النِّكَاحُ وَاجْتَمَعُوا عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ فَخَرَجُوا بِذَلِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَأُضِيفُوا إِلَى الْإِيمَانِ
وَالْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ وَالْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَهُمَا فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ يَجْتَمِعَانِ كَمَا صَارَتِ الْكَعْبَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ فِي الْكَعْبَةِ وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ يَشْرَكُ الْإِسْلَامَ وَالْإِسْلَامُ لَا يَشْرَكُ الْإِيمَانَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } فَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْدَقُ الْقَوْلِ قُلْتُ فَهَلْ لِلْمُؤْمِنِ فَضْلٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْأَحْكَامِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؟.
فَقَالَ : لَا ، هُمَا يَجْرِيَانِ فِي ذَلِكَ مَجْرَى وَاحِدٍ وَلَكِنْ لِلْمُؤْمِنِ فَضْلٌ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي أَعْمَالِهِمَا وَمَا يَتَقَرَّبَانِ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
قُلْتُ أَلَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}[25] وَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ مَعَ الْمُؤْمِنِ ؟.
قَالَ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً}[26] ؟. فَالْمُؤْمِنُونَ هُمُ الَّذِينَ يُضَاعِفُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ حَسَنَاتِهِمْ لِكُلِّ حَسَنَةٍ سَبْعُونَ ضِعْفاً فَهَذَا فَضْلُ الْمُؤْمِنِ وَيَزِيدُهُ اللَّهُ فِي حَسَنَاتِهِ عَلَى قَدْرِ صِحَّةِ إِيمَانِهِ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَيَفْعَلُ اللَّهُ بِالْمُؤْمِنِينَ مَا يَشَاءُ مِنَ الْخَيْرِ .
قُلْتُ أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَلَيْسَ هُوَ دَاخِلًا فِي الْإِيمَانِ ؟
فَقَالَ : لَا وَلَكِنَّهُ قَدْ أُضِيفَ إِلَى الْإِيمَانِ وَخَرَجَ مِنَ الْكُفْرِ وَسَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلًا تَعْقِلُ بِهِ فَضْلَ الْإِيمَانِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَرَأَيْتَ لَوْ بَصُرْتَ رَجُلًا فِي الْمَسْجِدِ أَكُنْتَ تَشْهَدُ أَنَّكَ رَأَيْتَهُ فِي الْكَعْبَةِ ؟.
قُلْتُ لَا يَجُوزُ لِي ذَلِكَ .
قَالَ فَلَوْ بَصُرْتَ رَجُلًا فِي الْكَعْبَةِ أَكُنْتَ شَاهِداً أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ؟.
قُلْتُ : نَعَمْ .
قَالَ :وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟.
قُلْتُ إِنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى دُخُولِ الْكَعْبَةِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ.
فَقَالَ قَدْ أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ ثُمَّ قَالَ كَذَلِكَ الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ[27]
منزلة الكعبة عند أهل البيت :
من نافلة القول أن نقول أن أهل البيت كانوا يقدسون مكة المكرمة والكعبة المشرفة ويفضلانهما على بقية بقاع العالم حتى على المدينة المنورة فضلا عن غيرها ومع ذلك نورد بعض الروايات التي تظهر مدى علاقة أهل البيت بهذه البقاع المشرفة وأن أمثلتهم فيما يخص مفهوم الإسلام والإيمان كان يقربون بها المعنى بذكر المسجد الحرام والكعبة المعظمة وإليك بعضها :
1- ففي الحديث الصحيح عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ قُلْتُ لَهُ أَفَرْقٌ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ ؟.
قَالَ فَأَضْرِبُ لَكَ مَثَلَهُ
قَالَ قُلْتُ أَوْرِدْ ذَلِكَ .
قَالَ مَثَلُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ مَثَلُ الْكَعْبَةِ الْحَرَامِ مِنَ الْحَرَمِ قَدْ يَكُونُ فِي الْحَرَمِ وَلَا يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ وَلَا يَكُونُ فِي الْكَعْبَةِ حَتَّى يَكُونَ فِي الْحَرَمِ وَقَدْ يَكُونُ مُسْلِماً وَلَا يَكُونُ مُؤْمِناً وَلَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ مُسْلِماً
قَالَ قُلْتُ فَيُخْرِجُ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْءٌ
قَالَ نَعَمْ
قُلْتُ فَيُصَيِّرُهُ إِلَى مَا ذَا ؟.
قَالَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْكُفْرِ وَقَالَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَأَفْلَتَ مِنْهُ بَوْلُهُ أُخْرِجَ مِنَ الْكَعْبَةِ وَلَمْ يُخْرَجْ مِنَ الْحَرَمِ فَغَسَلَ ثَوْبَهُ وَتَطَهَّرَ ثُمَّ لَمْ يُمْنَعْ أَنْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَبَالَ فِيهَا مُعَانِداً أُخْرِجَ مِنَ الْكَعْبَةِ وَمِنَ الْحَرَمِ وَضُرِبَتْ عُنُقُهُ[28].
2- في الصحيح عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ كَتَبْتُ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) أَسْأَلُهُ عَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ فَكَتَبَ إِلَيَّ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ سَأَلْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ هُوَ الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ وَعَقْدٌ فِي الْقَلْبِ وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَالْإِيمَانُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَهُوَ دَارٌ وَكَذَلِكَ الْإِسْلَامُ دَارٌ وَالْكُفْرُ دَارٌ فَقَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ مُسْلِماً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِناً وَلَا يَكُونُ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُونَ مُسْلِماً فَالْإِسْلَامُ قَبْلَ الْإِيمَانِ وَهُوَ يُشَارِكُ الْإِيمَانَ فَإِذَا أَتَى الْعَبْدُ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الْمَعَاصِي أَوْ صَغِيرَةً مِنْ صَغَائِرِ الْمَعَاصِي الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا كَانَ خَارِجاً مِنَ الْإِيمَانِ سَاقِطاً عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ وَثَابِتاً عَلَيْهِ اسْمُ الْإِسْلَامِ فَإِنْ تَابَ وَاسْتَغْفَرَ عَادَ إِلَى دَارِ الْإِيمَانِ وَلَا يُخْرِجُهُ إِلَى الْكُفْرِ إِلَّا الْجُحُودُ وَالِاسْتِحْلَالُ أَنْ يَقُولَ لِلْحَلَالِ هَذَا حَرَامٌ وَلِلْحَرَامِ هَذَا حَلَالٌ وَدَانَ بِذَلِكَ فَعِنْدَهَا يَكُونُ خَارِجاً مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ دَاخِلًا فِي الْكُفْرِ وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ ثُمَّ دَخَلَ الْكَعْبَةَ وَأَحْدَثَ فِي الْكَعْبَةِ حَدَثاً فَأُخْرِجَ عَنِ الْكَعْبَةِ وَعَنِ الْحَرَمِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَصَارَ إِلَى النَّارِ[29].
3- وفي الصحيح عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ الْإِيمَانَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِدَرَجَةٍ كَمَا فَضَّلَ الْكَعْبَةَ عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ[30].
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين
[1] الكافي ج : 3 ص : 422 في الصحيح عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام فِي خُطْبَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ .
[2] الزخرف:69.
[3] البقرة:208
[4] الحجرات:15
[5] الصف:10
[6] المؤمنون: 1- 3
[7] البقرة:131
[8] آل عمران:19
[9] البقرة:128
[10] الميزان في تفسير القرآن ج 1 ص 284 وص 301 .
[11] يوسف:101
[12] انظر : المفردات للراغب الإصفهاني . والميزان ج 1 ص 283 وما بعدها
[13] يونس:62-63
[14] الكافي ج : 2 ص : 38
[15] الكافي ج : 2 ص : 52
[16] الكافي ج : 2 ص : 25
[17] الكافي ج : 2 ص : 24
[18] أي الإمام الباقر أو الصادق .
[19] الكافي ج : 2 ص : 24
[20] الكافي ج : 2 ص : 38
[21] الكافي ج : 2 ص : 38
[22] الكافي ج : 2 ص : 25
[23] الكافي ج : 2 ص : 26
[24] الكافي ج : 2 ص : 26
[25] سورة الأنعام:160.
[26] سورة البقرة:245.
[27] الكافي ج : 2 ص : 27
[28] الكافي ج : 2 ص : 28
[29] الكافي ج : 2 ص : 28
[30] الكافي ج : 2 ص : 52
[center]